هل لديك حيوان أليف؟ أو تفكر في اقتناء واحد؟
قط صغير لعوب، أو كلب لطيف يرحب بك كلما فتحت باب المنزل؟ حتى وإن كنت لا تربي حيوانًا أليفًا، ربما زرت منازل أصدقائك وقابلت حيواناتهم الأليفة الجميلة، وربما شجعتك علاقتهم على اقتناء واحد بنفسك وتبنيه. فكرة جيدة. تربية قط أو كلب هي إحدى أجمل العلاقات التي قد تكوِّنها في حياتك، ألفة مطمئنة ولعب متواصل بلا لغة تواصل مشتركة
لكن، هل نظرت يومًا لقطك الأبله وهو يركض على أريكتك في محاولة للإمساك بخيط يكاد لا يُرى، وفكرت: ”أيمكن لكرة الفرو اللطيفة هذه أن تلتهمني إن سنحت لها الفرصة؟“ الإجابة ببساطة: نعم
في عام 2020، اشتبهت الشرطة الأسترالية أن رجلًا في السبعين من عمره قد مات في منزله منذ عدة أيام. اتجهوا إلى شقته وأقصى ما توقعوا هو مشهد مؤسف لرجل مات وحيدًا، لكن لم يتصوروا أن ثلاثين قطة ستفر هاربة فور فتح باب منزله. عثروا على جثته في قلب بيته، وجهه متآكلحتى أن جمجمته تُرى بالعين، وقلبه ورئتاه ليسا في جوفه، ووجدوا قطة تتموضع وسط صدره المجوف
يقول روجر بيارد، اختصاصي الطب الشرعي في جامعة أديلايد، إن المشهد لا يدل إلا على أن حيوانًا مفترسًا قد التهم الرجل، وليس قططًا مسالمة. وتؤكد كارولين راندو، عالمة أنثروبولوجيا الطب الشرعي في جامعة كوليدج لندن: ”علينا تقبُّل أنه في نهاية المطاف ستأكلنا حيواناتنا الأليفة، هذه مجرد حقيقة من حقائق الحياة“
كشفت دراسات سابقة عن اختلافات بين طرق الالتهام عند الكلاب والقطط. تميل الكلاب إلى التهام الوجه والحلق، ثم كسر الضلوع ومضغ العظام، أما القطط فتبدأ بـ سلخ الجلد من الأنف والشفة العليا ثم الأصابع — وهي نفس الأماكن التي تعضها أثناء اللعب
يعتقد الباحثون أن الجوع هو المحرك الأساسي، لكن بعض الحيوانات الأليفة لا تنتظر حتى تجوع. في حال موت المالك ميتة عنيفة أو مفاجئة، قد ينتاب الحيوان الذعر، فيبدأ بـ لعق الوجه لطمأنة نفسه، وسرعان ما يتحول هذا اللعق إلى التهام شرس بعد تذوق الدماء
يقول ستانلي كورين، أستاذ علم النفس وباحث في علم النفس العصبي: التفسير بسيط — الكلاب تنحدر من الذئاب، وإن مات صاحبها ولم تجد مصدرًا آخر للطعام، ستأكل أي لحم متاح
في تقرير عام 2007، كلب من سلالة مختلطة أكل جثة مالكه لمدة شهر كامل حتى لم يتبق سوى الجزء العلوي من الجمجمة وشظايا العظام. وفي واقعة أخرى عام 1997، كلب جيرمان شيبرد بدأ في أكل صاحبه بعد وفاته بوقت قصير. تقرير عام 2015 أشار إلى أن 24% من الكلاب بدأت بأكل أصحابها قبل مرور يوم على الوفاة، حتى في وجود طعام عادي متاح
الغريب أن الكلاب تبدأ بالوجه في 73% من الحالات، بينما الحيوانات المفترسة في البرية تبدأ بالبطن لأكل الأعضاء الحيوية الغنية بالعناصر الغذائية
لكن هذه الحقيقة الصادمة، وإن كانت طبيعية، لا تدور حول البشر بقدر ما تدور حول المشكلات التي تلي الحادثة. في حال أكلت القطة شخصًا ما، فالمسألة ليست في كونه ميتًا بالفعل، بل في تحديد سبب الوفاة. يواجه المحققون صعوبة في الإجابة: هل مات مقتولًا؟ مسمومًا؟ أو تعرض للاعتداء الجنسي؟ — وهي أسئلة تبقى بلا إجابة إن كانت الأعضاء الداخلية والتناسلية قد أُكلت
لكن لكل مشكلة حل. تشير دراسة نُشرت في مجلة علوم الطب الشرعي والطب وعلم الأمراض (Forensic Science, Medicine and Pathology) إلى طرق تساعد المحققين على معرفة ما إذا كان حيوان أليف قد عبث بالجثة، بل وحتى تحديد نوع الحيوان. تتضمن الخطة مخططًا سياقيًا لجمع البيانات من مكان الحادث وتوقيتها، من خلال معاملة الحيوان الأليف كمشتبه به في البداية لاستبعاده لاحقًا من التحقيق، وذلك بجمع عينات من الفراء والبراز وآثار الأسنان مهما كانت بسيطة أو سطحية، وأخذ انجذاب الحشرات للجروح في الاعتبار لأنها قد تعرقل مسار التحقيق
هل يمكن لخطوات بسيطة كهذه أن تغير مسار التحقيق وتحقق العدالة لشخص قُتل غدرًا؟ نعم. يقول غابرييل فونسيكا، طبيب الأسنان الشرعي في جامعة لا فرونتيرا، إن مخططًا كهذا كان سيُثبت جدواه في حادث وقع مؤخرًا في تشيلي، إذ عثرت الشرطة على امرأة مسنّة بدت وكأنها توفيت لأسباب طبيعية، ثم أكل كلبها وجهها. لم يدرك المحققون أنها ضُربت على وجهها أثناء سطو على منزلها إلا بعد فحص بالأشعة المقطعية كشف أن عضات الكلب أخفت الإصابات
لنكن صريحين، لا يوجد ضامن أن حيوانك الأليف لن يأكلك إذا مت، حتى الهامستر أو العصافير قد تبحث عن طعامها حين يختفي من يطعمها. والقاسم المشترك في هذه الحالات هو العزلة الطويلة التي تمنع ملاحظة الاختفاء. تطمئننا راندو بأن الطريقة الوحيدة لتفادي هذا السيناريو هي بناء دائرة اجتماعية وثيقة حولك، أناس يمكنهم الاطمئنان عليك إذا غبت
وسواء أكلتنا حيواناتنا الأليفة بعد الموت أم لا، فإن طرح هذا السؤال، وما تثيره الإجابات من مشاعر، يقول الكثير عنّا نحن البشر أكثر مما يقول عنهم. الحيوانات تعيش بغرائزها وسلوكياتها المحددة، لا تملك ما نملك، ولا تبحث بالضرورة عما نبحث عنه، ولا تتقزز مما طورنا تجاهه شعورًا بالاشمئزاز عبر آلاف السنين من التطور. ربما على الإنسان أن يسأل نفسه: لماذا يزعجني أن تصدر هذه التصرفات من حيواني الأليف؟ وهل أسقط عليه أكثر مما يحتمل لمجرد أنه ”أليف“؟