بعد زواجي بعدة أشهر كنت في جلسة مع بعض الأصدقاء المتزوجين، وأخذنا الحوار موضوعًا مفضّلًا رائعًا: المشاجرات بين الأزواج.
تطرّق الحديث بطبيعة الحال إلى توتر الفترة الأولى من الزواج، وأنها مليئة بالاختلافات. وأن السبب في ذلك يرجع عادة إلى عدم اعتياد الأزواج على طباع بعضهم بعضًا.
تابعت الحوار في صمت لفترة من الوقت، ثم وجهت لي صديقة سؤالًا عن طبيعة الخلافات بيني وبين زوجي، في الحقيقة لم يكن قد حدث بيننا خلاف قط حينها.
تذكرت ماري منيب في أحد الأفلام، وهي تقول إن الخلافات بين الزوجين هي الفلفل والشطة. توابل لاذعة الطعم، لكنها ضرورية لإتمام الطبخة وإكسابها طعمًا.
ثم فكرت في الأرز الذي صنعته في بداية زواجي، دون توابل. كيف كان طعمه بشعًا أقرب لطعم مال اليتيم.
هل علينا الشجار حقًا؟
يقول إريك فروم في كتابه ”فن الحب“ إن الحب مهارة عليك اكتسابها. وفي رحلة تعلم تلك المهارة نكتشف أن هناك مرحلتين أساسيتين:
الأولى هي السيطرة على النظرية، والثانية هي السيطرة على الممارسة.
ليس هذا كلام مثقفين. صدقني. الأمر يشبه لعب الكرة. عليك أولًا أن تفهم قواعد اللعبة وطريقة إحراز الأهداف وكيف تُحتسب، وما عليك فعله وما عليك ألا تفعله. ثم عليك أن تلعب.
لا يمكنك أن تكتفي بواحدة دون الأخرى. مهما قضيت وقتًا في دراسة قواعد اللعبة، سيكون عليك في النهاية أن تركل الكرة فعليًا بين ثلاث خشبات. ولكن، كيف ستحرز هدفًا وأنت لا تعرف أين تركلها أصلًا؟ صح؟
في رأيي، وهذا رأيي فعلًا، أن تشبيه مهارة لعب الكرة ممتاز، لكنني أريد أن أتجاوزه إلى فكرة أخرى، وهي أن:
العلاقات العاطفية الطويلة تحديدًا تحتاج إلى مهارة، وأي مهارة تحتاج لأن تخلق أسلوبك الخاص، وفي الحب والعلاقات يتجلى ذلك.
عليك بشكل ما، خلق نظريتك الخاصة، بمعطياتك أنت وشريكك، والبحث عن أفضل معادلة لذلك، وعليك أن تفعل ذلك وأنت وسط العملية نفسها، لا قبلها بمعزل عن التجربة. عليك أن تخلق القواعد وأنت في العلاقة نفسها.
هذه قواعدي:
التواصل. بديهي. لكن البديهيات هنا لسبب. دونه تفشل جميع المعادلات.
لا تتوقع أن شريكك سيقرأ عقلك، ولا تترك ما يمكنك قوله بسهولة إلى استنباطه، تواصل مع شريكك بشكل واضح حتى يجيبك بالقول أو بالفعل بشكل واضح.
أحيانًا يتطلب ذلك أن تقول أشياء تخجل منها. لا بأس. علينا أن نفعل ذلك أحيانًا.
2
هل علينا أن نكون متشابهين لنقدر على التواصل؟ الإجابة هي لا ونعم.
يضللنا التشابه الذي نبحث عنه عن البحث عن التوافق الحقيقي. قد أكون صاخبة وزوجي هادئ، قد أحب الكلاب وهو يرتاب منها.. لكن هل تلك الاختلافات دليلًا على أي شيء؟
يقول إريك باركر في مقالته ”كيف تجعل علاقة تستمر؟“ إن التشابه الحقيقي الذي نبحث عنه هو التشابه العاطفي، لا في الصفات ولا التفضيلات حتى وإن كانت كبرى.
عليك البحث عن شريك تتشابه عاطفتك مع عاطفته. يضرب مثلًا بالغضب والتعبير عنه، البعض يعبر عن غضبه في حينه والبعض الآخر يكبته، لكن ذلك المثال لا أتفق معه.
أنا أعبر عن غضبي بشكل فوري في حين أن زوجي قد يفكر لأسابيع قبل أن يعبر عن شيء يشعره بالضيق.
هل يعني ذلك أننا لا نصلح لبعضنا البعض؟ بالطبع لا.
لكن إعطاؤه الحق لي في إظهار العاطفة ذلك هو الضروري، وسماحي له باستعادة مواضيع قد مرّ عليها بعض الوقت، هو المطلوب.
ليس التشابه في العاطفة هو ما نبحث عنه.
بل، وببساطة شديدة:
الحق المتبادل في إظهار العواطف.
3
الأمور الصغيرة هي كل شيء. لا توجد إلا الأمور الصغيرة أصلًا.
كثيرًا ما نجد أنفسنا منزعجين من علاقات طويلة لم يحدث بها شيء جلل، لكن تراكم الأمور الصغيرة يجعلها تفسد.
الحب، مثل أي كائن حي، عليك تغذيته دائمًا بأشياء يومية صغيرة قد تبقيه متوهجًا.
اسأل باهتمام عن التفاصيل، اصنع كوب قهوة لشريكك في الصباح، أو اجلب له شيئًا يحبه من السوبرماركت. تلك الأشياء هي كل شيء. لا تستصغر من هذه الأمور شيئًا.
4
أنت في علاقة مع بني آدم. كلنا نملك حزمة مشاكلنا التي ندخل العلاقة بها.
افتراضك أن الحب سيصلح كل شيء هو افتراض ساذج.
افتراضك أن بإمكانك تغيير من أمامك هو افتراض أكثر سذاجة.
عليك تقبل العطب والاختلال، وربما التخلف، في من أمامك.
بل، معلش، عليك ألا تشعره بأنه معطوب من الأصل. لا أحد يحب ذلك.
في العطب أيضًا عليك أن تجد أرضية مشتركة للتفاهم.
إذًا راجع النقاط السابقة مرة أخرى، وتذكر أن ”حمل الليالي خفيف لما يشيلوه اتنين“. كليشيه آخر. لكنه هو الآخر موجود لسبب.